بلوق

هل العقار هو الجبل الذي لا تهزه عواصف الأسواق؟

هل العقار هو الجبل الذي لا تهزه عواصف الأسواق؟

هل العقار هو الجبل الذي لا تهزه عواصف الأسواق؟

في عالم تتلاطم فيه أمواج الأسواق المالية، وتتأرجح مؤشرات البورصات بين صعود وهبوط، ويواجه المستثمرون رياح التضخم وأمواج الركاد، يبرز قطاع العقارات ككيان شامخ، يشبه إلى حد كبير ذلك الجبل الأصيل الذي تتحطم عند سفحه عواصف التقلبات. 

إنه الملاذ الآمن، والحصن المنيع، الذي يحافظ على قيمته بل وينمو فيها حتى في أحلك الأوقات.

العقار.. حيث تلتقي الحاجة بالأمان

لا يمكن فهم صمود القطاع العقاري دون الغوص في طبيعته الفريدة. فالعقار ليس مجرد أرقام تتداول على شاشات الحواسيب، إنه حاجة إنسانية أساسية. 

الإنسان يحتاج إلى سكن، والتجارة تحتاج إلى مقار، والصناعة تحتاج إلى مصانع. هذه الحاجة الثابتة والمستمرة هي التي تشكل القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها هذا “الجبل”. 

بينما قد يفقد السهم قيمته ليصبح أوراقاً لا معنى لها، فإن قطعة الأرض أو الشقة تظل قائمة، ملموسة، ونافعة.

محفزات النمو: رياح favorables تدفع الجبل للارتفاع

لا يكتفي القطاع العقاري بالصمود فحسب، بل إنه غالباً ما يظهر نمواً لافتاً أثناء فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، مدفوعاً بعدة عوامل:

1. التحوط ضد التضخم: عندما ترتفع الأسعار وتتآكل القوة الشرائية للنقود، يلجأ المستثمرون الأذكياء إلى الأصول الملموسة كالعقار لحماية ثرواتهم. فقيمة العقار ترتفع بشكل طبيعي مع ارتفاع تكاليف البناء والمواد، مما يجعله مخزناً آمناً للقيمة.

2. نمو السكان والحضرنة: العالم يشهد نمواً سكانياً مستمراً وزيادة في معدلات الهجرة من الريف إلى المدينة. هذه الموجة البشرية تخلق طلباً متزايداً ومستمراً على الوحدات السكنية والخدمية، مما يضمن استمرار حركة السوق العقاري.

3. دعم الحكومات: تدرك معظم الحكومات أن قطاع العقارات هو عماد الاقتصاد الحقيقي ومحرك للعديد من الصناعات المساندة (الحديد، الإسمنت، التشطيب، الأثاث). لذلك، تسعى غالباً إلى دعمه ببرامج التمليك وسهولة التمويل والإعفاءات الضريبية، مما يخلق بيئة خصبة لنموه.

4. تنوع الفرص: قطاع العقارات ليس كتلة واحدة، إنه عالم مليء بالفرص. من يستثمر في الفلل الفاخرة قد يختلف عن من يستثمر في الشقق المتوسطة أو المخازن اللوجستية أو حتى الأراضي الزراعية. هذا التنوع يسمح بخلق محافظ استثمارية متوازنة داخل القطاع نفسه، تقلل من حدة المخاطر.

شهادات من التاريخ: صمود يتحدى الزمن

لو ألقينا نظرة سريعة على التاريخ الاقتصادي، لوجدنا أن القطاع العقاري كان دائماً من أوائل القطاعات التي تتعافى بعد الأزمات. 

فبعد الأزمة المالية العالمية في 2008، شهدت العديد من الأسواق العقارية حول العالم انتعاشاً قوياً، متفوقة على العديد من القطاعات الأخرى. وفي فترات الجوائح، مثل جائحة كورونا، حيث انهارت أسواق وتراجعت أنشطة، برزت أهمية المسكن كملاذ شخصي، وازداد الاهتمام بالمساحات الواسعة والمنازل المجهزة لمواكبة متطلبات العمل والحياة، مما أعطى دفعة جديدة للسوق.

الاستثمار العقاري: فلسفة صبر وحكمة

الاستثمار في العقارات ليس مقامرة يومية، إنه فلسفة قائمة على الصبر والنظرة طويلة الأجل. 

المستثمر العقاري الحكيم لا يهتم بتقلبات السوق اليومية، بل يراهن على الاتجاه العام التصاعدي على المدى البعيد. إنه يشبه ذلك المزارع الذي يغرس الشجرة ويظل يسقيها ويعتني بها حتى تثمر بعد سنوات، محققاً عائداً مجزياً يتفوق على كل ما حوله.

الجبل الشامخ الذي نعتمد عليه

بينما تظل عواصف الأسواق حقيقة لا مفر منها، فإن الإجابة على سؤالنا تصبح واضحة وجلية: نعم، العقار هو أقرب ما يكون إلى ذلك الجبل الشامخ الذي لا تهزه العواصف. 

إنه ليس بمنأى عن التقلبات، لكنه يتمتع بمرونة وصمود لا تتوفر في كثير من الأصول الأخرى.

لذلك، يبقى العقار ركيزة الثروات، وحجر الأساس في أي محفظة استثمارية متوازنة. إنه الاستثمار الذي لا يحفظ الأموال فحسب، بل يضاعفها، ويخلق إرثاً يتجاوز الأجيال. 

في النهاية، بينما تأتي وتذهب الموجات، يبقى الجبل صامداً شامخاً، شاهداً على حكمة من اختاروا البناء على أرض صلبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

قارن

أدخل الكلمة الرئيسية الخاصة بك