بينما تلمع أنوار قصر الكرملين على ضفاف نهر موسكو، كانت المصافحة بين الرئيسين السوري والروسي ترسم صورة جديدة لمستقبل العلاقات بين البلدين.
لم تكن تلك المصافحة مجرد لقاء دبلوماسي اعتيادي، بل كانت إيذاناً ببداية مرحلة جديدة من العلاقة الاستراتيجية الشاملة.
في مشهد يعكس عمق العلاقات التاريخية، جلس الرئيس السوري أحمد الشرع إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث بدا اللقاء وكأنه حوار بين حليفين قديمين يجددان العهد ويطويان صفحة الخلافات ويخططان للمستقبل.
تلك النكتة التي أبداها الرئيس الشرع عن درج الكرملين الطويل لم تكن مجرد مزحة عابرة، بل كانت تعكس حقيقة الرحلة الطويلة التي قطعتها سورية نحو الاستقرار، والدور الروسي الكبير في مواجهة هذا المسار.
تحول الموقف الروسي: من الدعم العسكري السابق إلى الشراكة الاقتصادية والأمنية
شهدت العلاقات السورية-الروسية تحولاً نوعياً، حيث انتقلت من مرحلة الدعم السياسي والعسكري إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
فلم تعد موسكو تنظر إلى دمشق كحليف تقليدي فحسب، بل كشريك استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط.
هذا التحول يأتي في إطار الرؤية الروسية الأوسع للدور الإقليمي والدولي، حيث تشكل سورية ركيزة أساسية في سياسة موسكو الإقليمية.
سورية في الاستراتيجية الروسية: موقع استراتيجي ومصالح متبادلة
تتمتع سورية بموقع جيوسياسي فريد يجعلها محط أنظار القوى الدولية. فمن منظور روسي، تمثل سورية:
· بوابة إلى البحر المتوسط: حيث يتيح الوجود في سورية لموسكو تعزيز نفوذها في المنطقة
· مركزاً للاستقرار الإقليمي: حيث تسهم سورية المستقرة في تحقيق التوازنات الإقليمية
· شريكاً اقتصادياً مهماً: خاصة في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار
تداعيات إيجابية على الأمن والاقتصاد السوري
سيكون لهذا التحول في طبيعة العلاقات بين البلدين انعكاسات إيجابية كبيرة على سورية:
في المجال الأمني:
· تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري
· تطوير أنظمة الأمن والاستخبارات
· مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فعالية
· حماية الحدود والسيادة الوطنية
في المجال الاقتصادي:
· فتح آفاق جديدة للاستثمارات الروسية في سورية
· المساهمة في إعادة إعمار البنى التحتية
· تطوير قطاعات الطاقة والكهرباء والنقل
· خلق فرص عمل جديدة وتحسين المستوى المعيشي
نحو مستقبل مشترك
تبشر هذه الشراكة الجديدة بمستقبل أفضل لسورية، حيث تتحول من مرحلة الصراع إلى مرحلة البناء والتعمير.
إن العلاقات المتينة بين البلدين تمثل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
كما قال الرئيس الشرع في ختام زيارته: “إننا نرى في روسيا شريكاً استراتيجياً حقيقياً، ونثق بأن شراكتنا هذه ستُسهم في إعادة بناء سورية وتحقيق طموحات شعبها في السلام والتنمية”.
هذه الكلمات تعكس الأمل بمستقبل أفضل، حيث تتحول التحديات إلى فرص، والجراح إلى دروس، والعقبات إلى سلم للصعود نحو آفاق أرحب.