بلوق

الدولة والمواطن والعدالة الضريبية “إصلاح قانون الضرائب العقارية السوري لعام 2025”

الدولة والمواطن والعدالة الضريبية “إصلاح قانون الضرائب العقارية السوري لعام 2025”

الدولة والمواطن والعدالة الضريبية

“إصلاح قانون الضرائب العقارية السوري لعام 2025”

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها سورية، جاء تعديل قانون الضرائب العقارية لعام 2025 خطوة إصلاحية تهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة. 

قبل عام 2025، كانت المنظومة الضريبية العقارية تعتمد على القيمة الرائجة، وتثقل المواطن برسوم متعددة وإجراءات معقدة، مما أدى إلى الابتعاد عن المعاملات الرسمية وانتشار السوق الموازي. لتأتي التعديلات الجديدة وتبسط الإجراءات والأعباء وتقول:

• اعتماد السعر التعاقدي بدلاً من القيمة الرائجة.

• إلغاء شرط الإيداع البنكي.

• توحيد الرسوم العقارية في ضريبة واحدة.

• إعفاء الهبات الأسرية وعقود الإيجار المحلية.

• التوجه نحو الرقمنة وتبسيط المعاملات.

 

يلاحظ هنا أن سورية الجديدة تتجه نحو نموذج أكثر مرونة وعدالة، يراعي الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين من جهة:

– تخفيف العبء المالي.

• تعزيز الثقة بالمؤسسات.

• تسهيل التملك العقاري.

أما من ناحية المجتمع المحلي يظهر الأمر من خلال:

• تنشيط السوق العقارية.

• تقوية الروابط الأسرية.

• تقليل التعاملات غير الرسمية.

 

وبالتالي تتحسن الإيرادات في الدولة، ويقل حجم التهرب الضريبي، فيتم تعزيز الصورة المؤسسية أمام المجتمع الدولي.

ولكن هذا الأمر يحتاج لمراقبة تطبيق القانون، والأهم إطلاق مبادرات للتوعية القانونية. على اعتباره أنه اقترب من هموم الناس، وفتح الباب لمواطنة قائمة على العدالة والثقة. 

وبالرغم من أهمية هذه التعديلات كخطوة إصلاحية، لا يمكن تجاهل التحديات التي قد تنشأ في الواقع العملي، حيث أجد أن فعالية القانون لا تكمن فقط في بنيته النصية، بل في قدرته على تجاوز فجوات التطبيق وضمان العدالة الضريبية الفعلية.

فرغم تبسيط الإجراءات، تبقى الرقابة نقطة ضعف جوهرية. فالافتقار إلى آلية رقابة فعالة ومستقلة، قد تتحول بعض البنود المرنة كالسعر التعاقدي إلى أدوات للتحايل على القانون بدل أن تكون مدخلًا للعدالة. 

كذلك، يتطلب الانتقال نحو الرقمنة أسس مؤسساتية قد لا تكون متوفرة في بعض المناطق، مما يفتح المجال للتفاوت في التطبيق ويضعف الثقة بالمنظومة.

أرى أيضاً أن التعديلات الحالية، وإن كانت تقدمية من حيث الفكرة، لم ترفق بما يكفي من حملات توعية قانونية للمواطن، وهو ما قد يحد من تأثيرها الإيجابي ويجعل الفئات غير الملمة بالقانون عرضة للاستغلال. كما أن عدم شمول القانون لجميع أنماط الملكية، خاصة غير المسجلة أو المشاع، يحد من شموليته ويترك ثغرات تُضعف فعاليته على مستوى العدالة الاجتماعية.

بناءً على ذلك، فإن إصلاح العلاقة بين المواطن والدولة لا يكتمل فقط بسن القوانين، بل يتطلب إرادة مؤسساتية تضمن التنفيذ العادل، وتغذية ثقافية قانونية تعزز المواطنة الفاعلة. 

وهنا يصبح القانون ليس فقط أداة تنظيم، بل اختبار لمدى قدرة الدولة على استيعاب واقعها الاجتماعي والاقتصادي وإدارته بمرونة وشفافية.

دانيا عبد الغني النابلسي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قارن

أدخل الكلمة الرئيسية الخاصة بك